كلمة المحافظ صالح الدين طالب في مؤتمر "المدفوعات الرقمية في الجزائر: التقدم نحو مستقبل غير نقدي" 08 أكتوبر 2024.

08 أكتوبر 2024

بسم الله الرحمان الرحيم والصّلاة والسلام على أشرف المرسلين

السيّدة والسادة الوزراء،

معالي الدكتور فهد بن محمد التركي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي،

السيّدات والسّادة المدراء العامون،

السّيدات والسّادة الحضور الكريم كل باسمه ومقامه،

أسرة الإعلام،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نودُ في البداية ان أتوجّه بخالص الترحيب إلى جميع الضيوف الأعزاء الذين شرفونا اليوم بحضورهم، فمرحبا بكم جميعاً.

كما نودُ أن نُعَبِر عن امتناننا للإخوة في صندوق النقد العربي وعلى رأسهم سعادة الدكتور فهد بن محمد التركي المدير العام رئيس مجلس الإدارة على هذا الدَعم وعلى حسن اختيارهم لمواضيع المؤتمر رفيع المستوى والتي تكتسي كلها أهمية قصوى للدفع نحو التخفيف من استعمال العملة الورقية وتعميم عمليات الدفع بواسطة الوسائل غير النقدية.

لقد أصبح جَـلِـيّـاً أنَّ مُستقبل الأنظمة المالية يعتَمِدُ بشكل أساسي على قُدرتِنا على التَحوُل نحو نِظَام مدفوعات رقمية متقدمة، تتسم بالسرعة، والأمان، والمرونة.

في هذا السِيَاق يُعتبر نظام الدفع الفوري الشامل (inclusif) الذي يسمح بِتسوية عمليات الدَّفع مِن حِساب الزَّبون إِلى حساب التّاجر بشكل فوري على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وهو الذي نعمل على إِنجازه من خلال مركز المَقاصَّة المسبَقة (CPI) التابع لبنك الجزائر، من اهم البُنى التحتية التي تسمح بتعزيز تبني عمليات الدفع الالكتروني من قبل الشركات والتجار مما يعزز من كفاءة النظام المالي ويُحسن تجربة المستخدمين وبالتالي تدعيم الشمول المالي بشكل كبير.

كما يُعد انفِتاح النِظام البيئيِ في الجزائر على فاعلِينَ جُدد، على غرار البنوك الرقمية ومُقدِّمي خدماتِ الدفعِ إلى جانب توسيع وسائل الدفع لِتَشمُل العملة الإلكترونية، أمراً بالغ الأهمية في النظام البيئي السريع التطور للخدمات المالية، مما يمُكِّن من إجراء معاملات إلكترونية سلِسة تلبِي احتياجات كل من التجار والمستهلكين.

وتمثلُ المواضيع الأخرى المطروحة للنقاش، والمتمَثلَة في اعرف عميلك (KYC)، والخدمات المصرفية المفتوحة (Open Banking)، وحوكمة البيانات المالية، أهمية قصوى من اجل تسليط الضوء على كيفية تحقيق التوازن بين الابتكار والأمن والامتثال والالتزام بالأطر التنظيمية القائمة في نظام بيئي مالي يَعتمِد على البيانات.

أيّتُها السَيّدات، أيُّها السَّادة،

حتى وان بقــي تبَنِي (adoption) استعمال وسائل الدفع الكِتَابِية غير كافٍ في الجزائر، إلاَ اننا سَجلنَا خِلال السنوات الأخيرة تطوّرا ملحوظاً ونَتائج مُشَجِّعة بِخُصوصِ استعمال خَدَماتِ الدَّفع الإلكتروني.

حيث عرفت عمليات الدفع بواسطة البطاقات منذ الفاتح من شهر جانفي الى نهاية شهر اوت 2024 نمواً معتبرًا يُقدر بنسبة 16. % كما عرفت عمليات الدفع بِاستِعمال الهَاتف المحمول (Mobile Payment) خلال نفس الفترة ارتفاع ملحوظ يقدر بنسبة 12. %

إنَّ دُخول مُحوّل خَدمات الدفع الآلي (le switch mobile) حيِّز الخدمة الفعلي، والذي يَهدِفُ إلى السَّمَاح بِالدفع البيْــنِي (interopérable) بِاستِعمال الهاتِف المحمول عبر رمز الاستجابة السريعة (QR Code)، يُعتَبر بمثابة خُطوة جدِيدة لتنويع وتعزِيز وسائل الدفع الإلكترونِي وتسوية المعاملات بالنِسبة للمؤسسات وَالأفراد وخاصة مِنهم الشباب.

 تزخر الجزائر بكفاءات علمية وطاقات شبانيه هائلة من الطلبة المتخرجين من الجامعات الجزائرية في مجال الاعلام الالي والتكنلوجيا يمكن الاعتماد عليهم في مجال الابتكار.

كما سَتسمح التخصصات الجامعية الجديدة على غرار الرّياضيات والذّكاء الاصطناعي والرقمنة والأمن السيبراني والتي تٌدَرَّس في المدارس العليا الجديدة بتدعيم الابتكار في الجزائر.

من جهة أخرى، سجّل قطاع المؤسسات الناشئة في الجزائر خلال سنة 2023 تطوُرًا ملحوظا يجعل منه قطاعاً واعدا وخزّان مهم بالنسبة للابتكار المالي. لقد سمحت مجموعة التدابير المتّخذة من طرف السلطات العليا والنصوص التشريعية التي تمّ اعتمادها لدعم ومرافقة هذا المجال بإعطاء دفعا قويا لإنشاء نظام بيئي مقاولاتي مبني على المبادرة والابتكار والمعرفة. لقد أضحت الجزائر، في ظرف وجيز، في طليعة الترتيب القاري في مجال المؤسسات الناشئة.

 

أيّتُها السَيّداتُ، أيُّها السَّادة،

باشرت اللجنة الوطنية للدفع منذُ الأشهر الأولى لتنصيبي لها في شهر افريل 2024 في اعدادِ برنامج عمل على المدى القصير شَمل العديدَ من التدابير والقراراتِ الهادفةِ في مُجملها إلى نشر وتعزيز استعمال وسائل الدفع الكتابية.

لقد شملت خطة العمل قصيرة الأجل لتطوير وسائل الدفع الإلكتروني في الجزائر والتي وضعتها اللجنة الوطنية للدفع بعد أسابيع قليلة من تنصيبها، عدة تدابير أُوكِل تنفيذها إلى كلِ الفاعلين في هذا القطاع. تهدف هذه الخطة الى إزالة العَقبَات وتسريع تطوير طرق الدفع المبتكرة وبالتالي تشجِيع المعاملات المصرفية وتعزيز الشمول المالي. سيكون اليوم العربي للشمول المالي المحدد بـ 27 افريل فرصة سنوية للتوعية في مجال المنتجات المالية المبتكرة.

كما تُشكل مجالات تعزيز أمن وسائل الدفع الإلكترونية، وادماج الدفع عن بعد في البوَابة الوطنية للخدمات العمُومية، وتوفر وتحسين البنية التحتية، وتعميم الدفع بواسطة الهاتف المحمول، ووضع الإطار التنظيمي للفاعلين الجدد في مجال الدفع، أساس الاستراتيجية الوطنية لتطوير وسائل الدفع غير النقدي.

أيّتُها السَيّدات، أيُّها السَّادة،

نَحرِص في بنك الجزائر، على غرار ما تقوم به البنوك المركزية، على تعزيز التوازن بين دعم الابتكار في مجال الخدمات المصرفية، من جهة، والحفاظ على الاستقرار المالي من خلال إدارة المخاطر ومراعاة حماية المستهلك ومتطلبات مكافحة تبييض الأموال، من جهة أخرى.

إنَّ التطورات الإيجابية للتحول نحو العملة الرقمية قد يُقلِّلُ من الاعتمادِ على العملة الورقيةِ والمعدنية، مما يُخفِض من حَجمِها المتداولِ خارج القطاع المصرفي والذي بَقِيَ يُمثل نسبة عالية من الكتلة النقديةِ.

أيّتُها السَيّدات، أيُّها السَّادة،

بِهذه المُناسبة، أودُّ أَنْ أدعو جميع الفَاعلين في مجال الدفع الالكتروني إلى تعزيز اِلْتزامِهم وَمُساهمتهم القَوية من اجل التوجه جميعا نحو نظام لا يعتمد بالأساس على الدفع النقدي.

إن مستقبلنا الرقمي يتطلب تعاوناً وجهوداً منسقةٍ لخلق بيئة مالية رقمية آمنة وشاملة. ومعاً، يمكننا تشكيل ملامح هذا المستقبل، حيث يتمكن الجميع من الاستفادة من مزايا التحول الرقمي.

في الخِتام، أودُّ أن أُجدد عبارات الشكر والتقدير لكل ضيوفنا الأعزاء على حضورهم ومشاركتهم الفعالة، كما أجدد تحياتي للإخوة الكرام في صندوق النقد العربي على هذا العمل المهم والذي يهدف في النهاية الى تعزيز تبنِّي اِستخدام وسائل الدفع الكِتابية في بلدنا بدلاً من الاسْتمرار فِي اللُّجُوء إِلى الدفع النقدي.

شكرا لكم جميعاً

والسلام عليكم ورحمة الله.